مراد لخصيم / وجدة البوابة :
يمكن لأي مهتم بميدان التربية والتعليم ومتتبع لمستجداته ، أن يلاحظ الاستخدام الكثيف في بيداغوجيا الإدماج لإجراءات ومفاهيم بيداغوجية مألوفة من قبيل : الوضعيات المسألة ، التوليف بين الموارد وتعلم دمجها ، المعالجة ، تصحيح اخطاء المتعلم ، دعم المكتسبات …
تعكس هذه الإجراءات والمفاهيم البيداغوجية المعتادة عملية اقتباس ممنهجة عن مجالات بيداغوجيــة مختلفة ومألوفة. فإذا كان كزافيي روجييرس Xavier ROEGIER يركــــــــز على حل وضعيات مركبة فقد سبقته إلى ذلك بيداغوجيا حل المشكلات وإذا كان يتحدث عن مساعدة المتعثرين فبيداغوجيــا التقويم والدعم جاءت لأجل ذلك منذ زمن بعيد ، وإذا اهتم بتشخيــــص الأخطاء ومعالجتـــها فقد كانت بيداغوجيا الخطأ سباقة إلى ذلك .
من هذا المنطلق ، نستشـــف بان السيـــــد كزافيي روجييرس مزج بين نماذج مختلفــــة من المقاربات البيداغوجية ، كل منها يحدد نمطا من البرامج والمناهج الدراسية ليبلــور نمطا جديدا أطلق عليه اســــم بيداغوجيا الإدماج علما أن الإدماج كان من أهداف العديد من البيداغوجيات السالفـــــة ، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ، بيداغوجيا حل المشكلات ، ولعل الرياضيات التطبيقية أحسن دليل على ذلك. فالإدماج ليس إلا عملية استبطان المتعلم لمحتويات ومهارات وتمثلها وإدماجها في بنيته.
ويستند الإدماج ألتعلمي إلى مسلمة ترى أن المعارف تشكــــــل كلا منطقيا منظما وتعتبر التعلـــم عملية حل المشكلات بواسطة المعارف والمهارات المكتسبة.
(Legendre1988)
كما أن هذه البيداغوجيــــــا أعطت لتقييم نماء الكفايـــة حصة الأسد في حين أن نمــــاء الكفاية يرتبط بالزمان والتمرن والتمرس المستمرين فلا يكفي أن يتمرس المتعلم على وضعية أو وضعيتين ليصبـــــح كفؤا حيث أن تجنيد المكتسبات في مادة الرياضيـــــــات مثلا ، يتم عبــر التعلم المستمر لاستراتيجيات حل المسائل والنمذجة وترييض الوضعيات والاستدلال الرياضي .
وان اعتماد بيداغوجيا الإدماج كإطار منهجي لإرســــــــاء المقاربة بالكفايــــات يفرض قبل كل شيء تحسين التعلمات الأساسية والتي بدونها يصبح من العبث دفع المتعلم إلى إدماج ما يفتقده. لقد تم تطبيق هذه البيداغوجيا على البرنامـــج القديم بما يحتويه من محاســـــن ومساوئ ، كما انه قد تمت صياغة الكفايات انطلاقا من تقسيم المقــــرر السنوي إلى أربعة أجـــــزاء والأسئلة التي ينبغي طرحها في هذا الصدد هي:
- هل الكفاية صيغت لأجل تمرير الأجزاء الأربعة من البرنامج القديم ؟
- أم هي نتاج لتحليل حاجات المجتمع المغربي ويكون المحتوى في خدمة الكفاية لا العكس ؟
وفيما يخص تقويم درجــــة نماء الكفايـــــة لدى المتعلم فقد اعتمد كزافيي روجييرس مفهوم المعيار كزاوية ينظر من خلالها المقوم إلى انجاز المتعلم مثــــل ملائمة إنتاجه للوضعية. واقتصر على معايير الحد الأدنى التالية :الملائمة ،الاستعمال السليم لأدوات المادة، الانسجام ، معتبرا إياها معايير مشتركة بين مختلف المواد متناسيا أن المعايير الغير مشتركة بين المواد هي أساس اختلافها. فليست مــــــادة التاريخ كمادة الرياضيات أو الفيزياء. وباعتبار أن تعلم إدماج محتويـــات مادة ما يعتبر قبل كل شيء
تعلما يدخـــل في نطاق الديداكتيك الخاصــة بهذه المـــــادة ذلك أن لكل مادة طبيعتها الخاصة بها ,فمثلا ممارسة الرياضيات هي حل المسائل وحل هذه الأخيرة لن يتأتى دون إدماج التعلمات المكتسبة واعتماد الاوريستيك والنمذجة والترييض … إن التعامل مع تعلم الإدماج بشكـــــــل نمطي يضع مختلف المــــواد في سلة واحدة يؤكد تصورا خاطئا يعتبـــر تعلم الموارد منفصــل عن تعلم الإدماج وان مثل هذه الاعتبارات تعــــد تطاولا صــــــريحا على ديداكتيك المواد المختلفة وتنفي عن تعلم الإدماج طبيعــة المــادة التي تنتـمي إليها المحتويات المــــراد إدماجها من جهة وتعتبر الديداكتيك الخاصة بالمادة مقتصرة فقط على تعليم وتعلم الأهداف التعليميـــــة البسيطة دون غيرها من الأهداف الأرقى منها من جهة أخرى.
بيداغوجيا الإدماج : اقتباس ممنهج وتطاول على ديداكتيك المواد
Pédagogie de l’intégration : Extrait systématique et
Empiétement sur les didactiques des disciplines
بقـــــــــــــلم : مــــــــــــراد لخصيــــــــــــم
مفتش ممتــــــــاز بالتعليــــــــم الثانـــــــوي